Sunday, September 16, 2012

ما هو عذركم هذه المرة ؟

ما هو عذركم هذه المرة ؟

في أواخر سبعينيات القرن الماضي، كانت هناك دعوات عريضة واسعة في العالم العربي للتخلي عن فكرة "محاربة إسرائيل" تحت ذريعة الخراب والدمار الذي جلبته الحروب السابقة مع إسرائيل على الاقتصاد والتنمية في الدول العربية !! وكنا كثيرا ما نسمع بعض أشقائنا العرب يقولون "آن الأوان لنتفرغ لأنفسنا ، ولنقوم بتنمية مجتمعاتنا ، وبناء إقتصادنا ...  إلخ .. إلخ" !

وفعلا تم التخلي عن فكرة الصراع العسكري عن إسرائيل وتم من خلالها التخلي عن شعب فلسطين والقضية الفلسطينية بشكل مباشر أو غير مباشر ! وتم التنصل من المسؤوليات والالتزامات حتى الأدبية منها تجاه ما زال يسمى "القضية الأولى للعرب والمسلمين"  ... قولا لا عملا ,, وللأسف الشديد ! وتمت محاصرة هذا الشعب طوال ال 40 سنة الفائتة ومحاصرة "فكرة القتال والجهاد والنضال لتحرير فلسطين" لتصبح من أدبيات الماضي التي عفا عليها الزمن بمفهوم أهل هذا الزمان !

وفي هذه السنوات العجاف التي تلت مؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو وكامب ديفيد وغيرها .. فقد تم اختزال الحلم الفلسطيني بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر ليصبح "دولة فلسطينية" على أراضي 1967 ولتتقزم هذه الدولة على أرض الواقع لتصبح "دويلة" أو "شبح دويلة" أو هيكلا عظميا لما قد يسمى الدولة بعد أن سلخ عنها جلدها ولحمها وشحمها فلم يبقى إلا الهيكل العظمي وما يكاد يسد الرمق في المعدة ، وما يستر العورة حتى لا تنكشف سوءة الوضع الحالي والذي لا يسر صديقا ولا يغيظ عدوا !

وفي هذا الاطار الهزيل والحزين، تم إختزال علاقة الأمة العربية والإسلامية بهذا الشعب الفلسطيني وهذه القضية الفلسطينية بعلاقة محدودة و متذبذبة مع "الثورة" الفلسطينية التي تحولت بقدرة قادر من "ثورة" إلى "سلطة" إلى "دولة" إلى "دويلة" وتحول "ثوار" الماضي إلى "موظفين ينتظرون رواتبهم" في نهاية الشهر وتحول قادتهم إلى  مسؤولين حكوميين يحملون بطاقة  ال VIP بالتنسيق مع العدو الصهيوني ! 

وسواء أدركنا هذا أم لم ندركه ، فما كان هذا ليتم لولا سكوت ورضى وتواطؤ النظام الرسمي العربي الذي لم يتوانى في أي مبادرة أو مشروع فيهما "تسريع" لتسوية القضية الفلسطينية ولو كانت تحوي على التنازلات ثم التنازلات ثم التنازلات من طرفنا مقابل التشدد والمراوغة والمناورة من الطرف الآخر .  وكان موقف أشقائنا العرب يترجم واقعيا وعمليا إلى الآية الكريمة "إذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا ههنا قاعدون" على أحسن تقدير هذا إن لم يتبعوا هذا التثبيط بتواطؤ عملي ضد القضية الفلسطينية سواء بشكل مباشر وعن رضى تام، أو بشكل غير مباشر ودون رضى تحت وطأة الترهيب  الأمريكي والترغيب الأمريكي وسياسة العصا والجزرة وما إلى ذلك

توقفت الحروب العربية مع إسرائيل إذن (على الأقل من الجانب العربي) أللهم إلا ما تختار إسرائيل أن تبدأه هي حسب ظروفها وأجندتها والتوقيت الذي يناسبها ! ولم يعد العرب يجرؤون حتى على الحرب الكلامية ولا حتى بالتفكير بهذا الاتجاه بينهم وبين أنفسهم ..  ولكن أثريائهم ما زالوا ينفقون المليارات تلو المليارات على أسلحة لا ندري لماذا يتم شراؤها أصلا !! ... ولمحاربة من !!

وأين الرخاء المعيشي ؟  وأين التنمية الاقنصادية المزعومة ؟  وأين العناية بالإنسان العربي ؟  وأين البنية التحتية الاقتصادية ؟ وأين فرص العمل ؟  وأين نوعية التعليم ؟ ولماذا يرتفع الدين الخارجي في معظم دول العالم العربي ؟ ولماذا يرتفع عجز الميزانيات السنوية ؟  وأين تذهب الثروات ؟ ولماذا يستشري الفساد ؟ 

ألم تقولوا أنكم لا تريدون الحرب من أحل التنمية ؟ وقد تخليتم عن الحرب منذ أكثر من 40 سنة، فأين التنمية ؟  ولماذا لم تتحقق ؟  

ما هوعذركم هذه المرة ؟

No comments:

Post a Comment