Monday, October 15, 2012

الحزب القائد ..  ومجتمع الدجاج

بعد الاتكال على الله، فقد ارتأت النخبة الواعية في مجتمع الدجاج أن تنشئ حزبا جديدا ينخرط فيه معظم المواطنين الصالحين المثاليين (الدجاج)  دون أي شروط تعجيزية تتجاوز قدراتهم أو إمكانياتهم أو ظروفهم الخاصة والعامة، وبحيث تكون ممارسات الأعضاء والتزاماتهم الحزبية لا تخرج عن الأطر والممارسات المألوفة والمعروفة في حياتهم اليومية. ولعموم الفائدة وللتسهيل على الأعضاء الكرام فلن يكون هناك رسوم عضوية أو رسوم سنوية أو ما شابه كما أنه لن يكون هناك أي ضرورة لملء أي طلب للعضوية، فكل من تنطبق عليه الشروط يمكن اعتباره عضوا بحكم العمل والممارسة وليس بناء على الطلبات والنماذج والروتين

هذا الحزب الجديد سيكون إسمه "حزب الجاجة"  أي "الدجاجة" باللغة الفصحى .. وربما يكون شعاره مشتقا من صورة الدجاجة ... وأرجو أن لا تضحكوا ولا تستغربوا ...   فالحزبين الرئيسيين في أمريكا شعارهما الحمار (الديموقراطي)  والفيل (الجمهوري) ، فلماذا لا يكون الحزب الجديد شعاره "الدجاجة"  والدجاج متوفر في أرجاء وطننا الكبير ، وأسعاره  تبقى في متناول الجميع قياسا باللحوم الأخرى ,, كما أن الدجاج هو مصدر بيض المائدة الذي نأكله مفقوسا أو مسلوقا أو عجة  (أومليت ولا يهون السامعين!) ... ولا شك أن "الفقس" و "السلق" و "اللت" و "الخبص" هي ممارسات شبه فطرية في ثقافتنا وأصبحت جزءا لا يتجزأ منها !!

أعود لحزينا الجديد العتيد المقترح لأوضح القيمة الأساسية والشعار الأوحد لهذا الحزب وهو "حزب الجاجة بطاطي (يطأطأ رأسه) وقت الحاجة"  وما أكثر أوقات الحاجة هذه في زماننا هذا ...  ولا تظنوا أن هذا تعبير عن ذل أو انكسار .. لا سمح الله !!  أبدا  .. فأعضاء هذا الحزب الجماهيري الشمولي يعيشون بكرامتهم كما تعيش الراقصة من مجتمع البشر بكرامتها "من البيت للكباريه ، ومن الكباريه للبيت" وهي طبعا (الراقصة) مواطنة محترمة طالما أنها تدفع ما عليها من ضرائب حكومية وأهمها ضريبة "الدخل" لأنه الشغل مولع نار و "الدخل" ما بوقف إلا يمكن في أيام شهر رمضان .. ألله أعلم 

وهناك يا سيداتي وسادتي الكرام أوجه عديدة للانسجام بين "حزب الجاجة " و"مجتمع الدجاج بتواجداته المختلفة في وطننا الكبير "  .. فهذا الاسم للحزب العتيد لم يأت عبثا أو من فراغ ,,,  ففي مجتمع الدجاج ، يتم حبس الدجاج في أقفاص يفرح بها الدجاج ويسميها مساكن وبيوت ويحمد ربه على نعمة الأمن والأمان فيها.  ويتم علف الدجاج بأغذية محسنة مهرمنة، ويتم تزويدهم بالماء اللي بيوصل لحد عندهم ، وفي أيام الحر بتم تبريد البيوت بالمراوح والمكيفات، وفي أيام البرد تتم تدفئة البيوت، وهناك رعاية صحية "طبيب بيطري" ليحافظ على حياة الدجاج وصحته ...  
صحيح إنه هاي الخدمات مش لله تعالى ومش ببلاش ... وفي الأخير ما في شيء ببلاش، والدجاج لازم يؤدي دوره المطلوب منه كمواطنين صالحين وواجبات مواطنة صالحة لا بد منها ولا بد من شرحها ببعض التفاصيل للإيضاح

فهناك يا سادتي الكرام في مجتمع الدجاج نوعان من الدجاج لا ثالث لهما : -
  • الدجاج البياض 
  • الدجاج اللاحم
فإن اختار العضو أن يكون من الدجاج البياض ليعيش عمرا أطول، فهناك مهمة وطنية بالغة الأهمية وهي إنتاج البيض وباستمرار طيلة العمر.  قد تبدو المهمة جميلة وسهلة ، لكن تذكر يا عزيزي أن البيض يأتي بعدة أحجام (صغير، متوسط، كبير، كبير جدا، ...  ) ولا داعي لأن أشرح أكثر ماذا يتطلب إنتاج البيض الكبير جدا ! 

ولا تنسى أيضا أن هذا البيض ينتهي عادة على الموائد وفي البطون، أما القليل القليل الذي يسمح له بالبقاء على قيد الحياة ليفقس ويصبح كتاكيت جميلة، فهو سيكون خير خلف لخير سلف وينتهي به الأمر إما دجاجا لاحما وإما بياضا وينتهي به الأمر أيضا على الموائد وفي البطون بشكل أو بآخر

وإن اختار العضو أن يكون من الدجاج اللاحم  فهؤلاء من يضحون بأنفسهم وبأرواحهم وأجسادهم من أجل سعادة الآخرين ولو انتهوا على موائدهم !! 

 ولأننا نتكلم عن الدجاج اللاحم ولحم الدجاج فلا بد لنا من التطرق إلى عملية "الذبح" ذاتها وإلى تلك اليد التي تمتد إلى قفص الدجاج لتأخذ إحداها إلى عملية الذبح. وأنا لن أتكلم عن عملية الذبح ذاتها بما فيها من معاناة وألم لا يلطفها إلا الإدراك المسبق والتسليم بأن هذا هو القدر المحتوم للدجاج اللاحم، ولا "يسوغها" سوى المعرفة بأن عملية الذبح ذاتها "ذبح إسلامي" يتبع الشريعة ويتم بسكين حادة حتى لا يتعذب الدجاج ... شي جميل ... أللهم إنا نسألك حسن الختام !

وهناك شيء لا بد من ذكره لأنه يحصل قبل عملية الذبح مباشرة وهو "عملية وزن الدجاج" لمعرفة قيمته وثمنه التي سيحصلها البائع من المشتري، فلكل شيء كما نعرف قيمة وثمنا ، وجميل أن يعرف الأعضاء أن لهم ولتضحياتهم قيمة وثمن في سوق الدجاج حتى وإن لم يقبضوا منه شيئا !!

وفي مجتمع الدجاج - وما أدراك ما مجتمع الدجاج - تتمثل المواطنة الصالجة في أقصى صورها وعلى أحسن ما يمكن أن يتمناه أولو الأمر.  فالدجاج يجلس في المكان المخصص له، ويأكل الأكل الذي يعطى له، وينام ويستيقظ جسب ما يخطط له، ويبيض كما يراد منه ، وينتهي في النهاية على الموائد ... فهذا قدره وهذا نصيبه ... وهو بشكل عام مستسلم لهذا القدر، قانع بهذا النصيب، وينظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، ويتجاهل قدره المحتوم، وينتظر من السماء معجزة أو حلا سحريا لحل مشاكله دون أن يعمل شيئا سوى الاستسلام والأكل والنوم في انتظار القدر المحتوم !

وعندما تمتد اليد داخل قفص الدجاج للإمساك بإحداها للذبح، فلا بأس أن "يفعفط" مجتمع الدجاج و"يعلو صوته" بالاحتجاج والشكوى فهو لا يلبث أن يهدأ ويعود إلى سيرته الأولى ,,, فما هي إلا مجرد فعفطة لحظية واحتجاجات صوتية لا تعني شيئا.  وهذا ما يحدث على أرض الواقع حيث يعود الدجاج إلى حركته اليومية الروتينية فيأكل ويشرب وينام ويبيض .. ويحمد الله على نعمته ...  من مسكن ومأكل ومشرب !
 
وعلى الدجاج أن يتذكر أن هناك في مجتمع الدجاج "ديوكا" تحب القيادة والفنطزة والعنطزة والصوت العالي على الفاضي ... مع أنها في النهاية تنتهي على الموائد مثلها مثل الدجاج اللاحم .. فالديوك لا خيار لها فهي لا تستطيع أن تكون دجاجا بياضا على أي حال ! ومن حيث المبدأ فلا بأس أن يستسلم الدجاج للديوك وإن كانوا قادة شكليين وبالإسم فقط  ...  حيث أن الديوك في النهاية تنتهي إلى نفس المصير

ولنرجع إلى ما كنا فيه من الحديث عن حزب الجاجة (الدجاجة) فهو الحزب الأنسب لمجتمع الدجاج .. حيث أن الدجاج بطبيعته يتسم بالمرونة والواقعية والتسليم بالمصير المحتوم، ولكنه أيضا مجتمع متفائل يتقن التركيز على نصف الكأس الممتلئ، ويعرف كيف ينسى ويتجاهل النصف الأخر، وهو أيضا مجتمع نائم حالم ينتظر المعجزة والحل السحري بالبراشوت أو على طبق من فضة  أو من خلال الهرمونات وأقراص الفياجرا والأعشاب والعطارة !

No comments:

Post a Comment